عقيل بن أبي طالب وذلك أنه أتى إلى علي (عليه السلام) يسأله أن يعطيه، فقال له علي (عليه السلام):
" تلزم علي حتى يخرج عطائي فأعطيك ".
فقال: وما عندك غير هذا؟
قال: " لا ".
فلحق معاوية، فلما صار إليه حفل به وسر بقدومه وأجزل العطاء له وأكرم نزله، ثم جمع وجوه الناس ممن معه وجلس وذكر لهم قدوم عقيل وقال: ما ظنكم برجل لم يصلح لأخيه حتى فارقه وآثرنا عليه ودعا به. فلما دخل رحب به وقربه، وأقبل عليه ومازحه، وقال: يا أبا يزيد من خير لك أنا أو علي؟ فقال له عقيل: أنت خير لنا من علي، وعلي خير لنفسه منك لنفسك.
فضحك معاوية - وأراد أن يستر ضحكه ما قاله عقيل عمن حضر - وسكت عنه.
فجعل عقيل ينظر إلى من في مجلس معاوية ويضحك، فقال له معاوية: ما يضحكك يا أبا يزيد؟
فقال: ضحكت والله، إني كنت عند علي والتفت إلى جلسائه، فلم أر غير المهاجرين، والأنصار والبدريين وأهل بيعة الرضوان، وأخاير أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، وتصفحت من في مجلسك هذا فلم أر إلا الطلقاء، أصحابي وبقايا الأحزاب أصحابك، وكان عقيل ممن أسر يوم بدر وفيمن أطلق بفكاك فكه به العباس مع نفسه.
فقال له معاوية: وأنت من الطلقاء يا أبا يزيد؟
فقال: إي والله، ولكني أبت إلى الحق وخرج منه هؤلاء معك.
قال: فلماذا جئتنا؟
قال: لطلب الدنيا. فأراد أن يقطع قوله، فالتفت إلى أهل الشام، فقال: يا أهل الشام أسمعتم قول الله عز وجل (تبت يدا أبى لهب) (1)؟