وأقفل عليه أبواب السجن، فكان لا يفتحها إلا في حالتين: إحداهما خروجه إلى الطهور والأخرى لادخال الطعام إليه.
واقبل الامام على العبادة والطاعة فكان يصوم في النهار ويقوم في الليل، ويقضي عامة وقته في الصلاة والسجود والدعاء وقراءة القرآن، واعتبر تفرغه للعبادة من نعم الله تعالى عليه، فكما يقول:
" اللهم انك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد فعلت فلك الحمد " (1).
الايعاز لعيسى باغتياله:
وأوعز هارون إلى عيسى عامله على البصرة باغتيال الإمام (عليه السلام) وثقل الامر على عيسى. فاستشار خواصه بذلك فمنعوه وخوفوه من عاقبة الامر، فاستجاب لهم، ورفع رسالة إلى هارون، جاء فيها:
" يا أمير المؤمنين كتب إلي في هذا الرجل، وقد اختبرته طول مقامه بمن حبسته معه عينا عليه، لينظروا حيلته وأمره وطويته ممن له المعرفة والدراية، ويجري من الانسان مجرى الدم، فلم يكن منه سوء قط، ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير، ولم يكن عنده تطلع إلى ولدية، ولا خروج، ولا شئ من أمر الدنيا، ولا دعا قط على أمير المؤمنين، ولا على أحد من الناس، ولا يدعو إلا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين من ملازمته للصيام والصلاة والعبادة، فان رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره، أو ينفذ من يتسلمه مني، وإلا سرحت سبيله، فاني منه في غاية الحرج " (2).
ودلت هذه الرسالة على خوف عيسى من الاقدام على اغتيال الامام، وقد بقي في سجنه سنة كاملة (3).
سجنه في بغداد:
واستجاب الرشيد لطلب عامله عيسى، فأمره بحمل الامام إلى بغداد، فحمل إليها، تحف به الشرطة والحرس، ولما انتهى إليها أمر الرشيد بحبسه عند الفضل بن الربيع، فأخذ الفضل، وحبسه في بيته، ولم يحبسه في السجون العامة وذلك لسمو