حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٨٨
له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولى تجهيزه، وسأله السندي أن يأذن له في تجهيزه فأبى، وقال: إنا أهل بيت مهور نسائنا، وحج صرورتنا، وأكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني (1) واحضر له السندي مولاه فعهد له بتجهيزه.
ولما ثقل حال الامام، وأشرف على النهاية المحتومة استدعى المسيب بن زهرة، وقال له:
" اني على ما عرفتك من الرحيل إلى الله عز وجل فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخت، واصفر لوني واحمر، واخضر، وأتلون ألوانا، فأخبر الطاغية بوفاتي... ".
قال المسيب: فلم أزل أراقب وعده، حتى دعا (عليه السلام) بشربة فشربها، ثم استدعاني فقال:
" يا مسيب إن هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه يتولى غسلي، ودفني، وهيهات، هيهات أن يكون ذلك أبدا فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري فوق أربعة أصابع مفرجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به فان كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين بن علي فان الله عز وجل جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا.. ".
قال المسيب: ثم رأيت شخصا أشبه الأشخاص به جالسا إلى جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا (عليه السلام) وهو غلام فأردت أن أسأله، فصاح بي سيدي موسى وقال: أليس قد نهيتك، ثم انه غاب ذلك الشخص، وجئت إلى الامام فإذا به جثة هامدة قد فارق الحياة، فانتهيت بالخبر إلى الرشيد (2).
لقد سمت روح الامام إلى خالقها العظيم تحفها ملائكة الرحمن بطاقات من زهور الجنة، وتستقبلها أرواح الأنبياء والأوصياء والمصطفون الأخيار.
سيدي أبا الرضا: لقد مضيت إلى دار الخلود بعد أن أديت رسالتك، ورفعت كلمة الله عالية في الأرض، ونافحت عن حقوق المظلومين، والمضطهدين، وقاومت الطغيان والاستبداد، فما أعظم عائدتك على الاسلام والمسلمين. سيدي أبا الرضا:

(1) مقاتل الطالبين (ص 504).
(2) حياة الإمام موسى 2 / 514 - 515.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست