" إن إبراهيم وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، وصنف يعبد القمر، وصنف يعبد الشمس، وذلك حين خرج من السرب الذي أخفي فيه، فلما جن عليه الليل رأى الزهرة، قال: هذا ربي، على الانكار والاستخبار، فلما أفل الكوكب قال:
لا أحب الآفلين، لان الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي، على الانكار والاستخبار، فلما أفل قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، فلما أصبح رأى الشمس بازغة قال: هذا ربي هذا أكبر من الزهرة والقمر: فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر، والشمس، يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين.
وانما أراد إبراهيم بما قال: أن يبني لهم بطلان دينهم ويثبت عندهم ان العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة والقمر والشمس، وانما تحق العبادة لخالقها، وخالق السماوات والأرض، وكان ما احتج به على قومه ما ألهمه الله عز وجل وآتاه، كما قال عز وجل، تلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه...
ولم يملك المأمون اعجابه بهذا الجواب الحاسم، فقال للامام:
لله درك يا بن رسول الله (1).
28 - قوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام...) (2).
سأل سليمان النيشابوري الإمام الرضا (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية الكريمة فقال:
" فمن يرد الله ان يهديه بايمانه في الدنيا، والى جنته، ودار كرامته، في الآخرة، يشرح صدره للتسليم لله، والثقة به والسكون إلى ما وعد من ثوابه حتى يطمئن إليه، ومن يرد أن يضله عن جنته ودار كرامته في الآخرة لكفره به وعصيانه له في الدنيا يجعل صدره ضيقا حرجا حتى يصير كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ". (3).