حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
ولطف فلان في مذهبه، وقوله: يخبرك أنه غمض فيه العقل، وفات الطلب، وعاد متعمقا، متلطفا لا يدركه الوهم، فكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف، واللطافة منا الصغر والقلة، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شئ، ولا يفوته، ليس للتجربة، ولا للاعتبار بالأشياء، فعند التجربة والاعتبار علمان ولولاهما ما علم لان من كان كذلك كان جاهلا، والله لم يزل خبيرا بما يخلق الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، فقد جمعنا الاسم، واختلف المعنى وأما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها، وقعود عليها وتسنم لذراها، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها كقول الرجل: ظهرت على أعدائي، وأظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج والغلبة فهكذا ظهور على الأشياء، ووجه آخر انه الظاهر لمن أراده، ولا يخفى عليه شئ وانه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما يغنيك، والظاهر منا البارز بنفسه، والمعلوم بحده فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.
وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا كقول القائل: أبطنته: يعني خبرته، وعلمت مكتوم سره، والباطن منا الغايب في الشئ المستتر وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى واما القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال، ومدارة ومكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا، والمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله، وقلة الامتناع لما أراد به، لم يخرج منه طرفة عين، أن يقول له: (كن فيكون) والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وهكذا جميع الأسماء، وإن كنا لم نستجمعها كلها فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك، والله عونك وعوننا في ارشادنا وتوفيقنا.. ". (1).
وحفلت هذه الرسالة بالاستدلال على قدم الخالق العظيم المبدع والمكون

(١) أصول الكافي ١ / 120 - 123.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست