حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٢٧٨
انقض نبوة موسى (عليه السلام)، وشاء الله أن يكون ذلك كذلك؟ إن هذا لهو العجب!!.
وأجابه الامام ببالغ الحجة قائلا:
" يا فتح إن الله إرادتين ومشيئتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أوما رأيت أنه نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة، وهو يشاء ذلك، ولو لم يشأ لم يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل، وشاء أن لا يذبحه، ولو لم يشأ ان لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عز وجل... ".
وفند الإمام (عليه السلام) شبهة الفتح، وذلك بتقسيمه إرادة الله تعالى إلى قسمين: إرادة عزم، وهي الإرادة التشريعية التي يسميها علماء الكلام، وهي عبارة عن أوامر الله تعالى ونواهيه لعباده التي فيها توازنهم وصلاحهم في سلوكهم في هذه الحياة، ولا يستحيل فيها تخلف المراد عن الإرادة، فقد يطيع العبد وقد يعصي.
القسم الثاني من الإرادة وهي الإرادة الحتمية التي يسميها المتكلمون بالإرادة التكوينية ويستحيل في هذه الإرادة أن يتخلف عنها المراد فإنه تعالى إذا قال للشئ كن فيكون، وقصة آدم وإبراهيم (عليهما السلام) انما هي من النوع الأول من الإرادة...
وقد بهر الفتح بكلام الامام وراح يقول: فرجت عني فرج الله عنك غير أنك قلت: السميع البصير هل هو سميع بالاذن بصير بالعين؟
فأجابه الامام:
إنه - اي الله - يسمع بما يبصر ويرى بما يسمع بصير لا بعين مثل عين المخلوقين وسميع لا بمثل سمع السامعين لكن لما لم يخف عليه خافية من أثر الذرة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء تحت الثرى والبحار قلنا: بصير لا بمثل عين المخلوقين، ولما لم يشتبه عليه ضروب اللغات، ولم يشغله سمع عن سمع قلنا: سميع لا مثل سمع السامعين.... ".
وأزاح الإمام (عليه السلام) الشبهة عن الفتح، وأوضح له ان بصر الله تعالى وسمعه ليسا على غرار سمع الانسان وبصره.
وطفق الفتح يقول للامام:
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست