" اتفق الجميع لا تمانع بينهم، أن المعرفة من جهة الرؤية ضرورة، فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة، ثم لم تخل تلك المعرفة من أن تكون ايمانا أو ليست بايمان، فان كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية ايمانا، فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بايمان لأنها ضده، فلا يكون في الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا الله عز ذكره، وان لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية ايمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول، ولا تزول في المعاد، فهذا دليل على أن الله عز وجل لا يرى بالعين، إذ العين تؤدي إلى ما وصفنا.. " (1).
وأبطل الامام بهذه الحجة البالغة رؤية الخالق العظيم بالعين لا بالفكر والعقل، فان الايمان به تعالى لو كان مرتبطا بها للزم أن يكون الايمان الناشئ من الأدلة الوجدانية على وجود الله ليس ايمانا، وهو باطل، وان كانت معرفة الله تعالى الناشئة من الرؤية ليست ايمانا، فلازمه أن لا تكون المعرفة الناشئة من الأدلة موجبة للايمان وهو باطل أيضا.
إن الايمان بالخالق تعالى من الضروريات التي لا ينكرها الا من زاغ فكره، وضل عقله، والله تعالى أبرز حقيقة ظاهرة في هذا الوجود تدلل عليه مخلوقاته ابطال التفويض والجبر.
أما التفويض فهو يتصادم مع الدين الاسلامي، وكذلك الجبر فإنه ليس من الاسلام في شئ، وقد سأل الحسن بن علي الوشاء الامام عن ذلك فقال له:
" الله فوض الامر إلى العباد؟.. ".
وسارع الامام في ابطال ذلك قائلا:
" الله أغر من ذلك... ".
وانبرى الحسن قائلا:
" جبرهم على المعاصي؟... ".
فرده الامام قائلا:
" الله أعدل، وأحكم من ذلك.. ".
وأضاف الامام قائلا:
" قال الله: يا بن آدم، أنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني،