قلت: خلق الأشياء بقدرة، فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها وقدرة ولكن ليس هو بضعيف، ولا عاجز، ولا يحتاج إلى غيره ".
ومعنى كلام الإمام (عليه السلام) ان الله تعالى قادر، وهذه الصفة عين ذاته، ولم يخلق الأشياء بقدرة خارجة عن ذاته، فان جميع صفاته الكريمة عين ذاته حسب ما دلل عليه في علم الكلام.
وقد اكد الإمام (عليه السلام) ذلك في كلامه " سبحان من خلق الخلق بقدرته، وأتقن ما خلق بحكمته، ووضع كل شئ منه موضعه بعلمه، سبحان من يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وليس كمثله شئ وهو السميع البصير ". (1).
قدم الخالق العظيم وصفاته:
من البحوث المهمة التي أدلى بها الإمام (عليه السلام) هي قدم الخالق العظيم وصفاته، قال (عليه السلام) لبعض أصحابه:
" اعلم علمك الله الخير ان الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شئ قبله ولا شئ معه في ديموميته فقد بان لنا باقرار العامة معجزة الصفة انه لا شئ قبل الله ولا شئ مع الله في بقائه وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شئ وذلك أنه لو كان معه شئ في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه، ولو كان قبله شئ كان الأول ذلك الشئ لا هذا، وكان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول.
ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم، وابتلاهم إلى أن يدعوه بها، فسمي نفسه سميعا بصيرا، قادرا: قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا، لطيفا خبيرا قويا، عزيزا، حكيما، عليما، وما أشبه هذه الأسماء فلما رأى ذلك من أسمائه القالون المكذبون، وقد سمعونا نحدث عن الله، انه لا شئ مثله، ولا شئ من الخلق في حاله، قالوا: أخبرونا إذا زعمتم انه لا مثل لله، ولا شبه له، كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها، فان في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض إذ جمعتم الأسماء الطيبة؟