حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١١٥
اسلام الصابئ:
ولما رأى عمران الصابئ الطاقات الهائلة من العلم التي يتمتع بها الإمام (عليه السلام)، والتي منها أجوبته الحاسمة من أعمق المسائل الفلسفية التي لا يهتدي لحلها إلا أوصياء الأنبياء الذين منحهم الله العلم وفصل الخطاب، أعلن عمران اسلامه وطفق يقول:
" أشهد أن الله تعالى على ما وصفت، ووحدت، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده المبعوث بالهدى، ودين الحق... ".
ثم خر ساجدا لله تعالى واسلم، وبهر العلماء والمتكلمون من علوم الامام، ومواهبه وعبقرياته، وراحوا يحدثون الناس عن فضل الامام وسعة علومه، وانصرف المأمون وهو غارق بالألم، قد أترعت نفسه بالحقد والحسد للامام:
خوف محمد على الامام:
وخاف عم الإمام محمد بن جعفر عليه من المأمون، وكان حاضرا في المجلس، ورأى كيف تغلب على عمران الصابئ الذي هو في طليعة فلاسفة العصر، فاستدعى الحسن بن محمد النوفلي، وكان من أصحاب الإمام فقال له:
" يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك - يعني الامام -؟ لا والله ما ظننت أن علي بن موسى الرضا خاض في شئ قط، ولا عرفناه به، انه كان يتكلم بالمدينة، أو يجتمع إليه أصحاب الكلام؟.. " وراح النوفلي يعرفه بعلم الامام وفضله قائلا:
" قد كان الحاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم، وربما كلم من يأتيه يحاججه... ".
وراح محمد يبدي مخاوفه من المأمون على ابن أخيه قائلا:
" اني أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمه أو يفعل به بلية، فأشر عليه بالامساك عن هذه الأشياء... ".
وكان النوفلي يظن خيرا بالمأمون، ولا يخاف منه على الامام، فقال لمحمد:
" ما أراد الرجل - يعني المأمون - الا امتحانه ليعلم هل عنده شئ من علوم آبائه؟.. ".
ولم يقنع محمد بكلام النوفلي، فقد كان يظن السوء بالمأمون وراح يقول له:
" قل له: إن عمك قد كره هذا الباب، وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست