أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ١٧٢
ومن أروع صور التوكل وأسماه، ما روي عن إبراهيم عليه السلام:
أنه لما ألقي في النار، تلقاه جبرئيل في الهواء، فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، حسبي الله ونعم الوكيل. فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أن أخمد النار فان خزائن الأمطار والمياه بيدي، فقال: لا أريد. وأتاه ملك الريح فقال: لو شئت طيرت النار. فقال: لا أريد، فقال جبرئيل: فاسأل الله. فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي (1).
ومن الناس من هو عديم التوكل، عاطل منه، لضعف احساسه الروحي، وهزال ايمانه. ومنهم بين هذا وذاك على تفاوت في مراقي التوكل.
محاسن التوكل:
الانسان في هذه الحياة، عرضة للنوائب، وهدف للمشاكل والأزمات، لا ينفك عن جلادها ومقارعتها، ينتصر عليها تارة وتصرعه أخرى، وكثيرا ما ترديه لقا، مهيض الجناح، كسير القلب.
فهو منها في قلق مضني، وفزع رهيب، يخشى الاخفاق، ويخاف الفقر، ويرهب المرض، ويعاني ألوان المخاوف المهددة لأمنه ورخائه.
ولئن استطاعت الحضارة الحديثة أن تخفف أعباء الحياة، بتيسيراتها الحضارية، وتوفير وسائل التسلية والترفيه، فقد عجزت عن تزويد النفوس

(1) سفينة البحار ج 2 ص 638 عن بيان التنزيل لابن شهرآشوب بتلخيص.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»