أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ١٧٠
كان فيما وعظ به لقمان ابنه، أن قال له: يا بني ليعتبر من قصر يقينه وضعفت نيته في طلب الرزق، ان الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال، ضمن أمره، وآتاه رزقه، ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة، ان الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة:
أما أول ذلك فإنه كان في رحم أمه، يرزقه هناك في قرار مكين، حيث لا يؤذيه حر ولا برد.
ثم أخرجه من ذلك، وأجرى له رزقا من لبن أمه، يكفيه به، ويربيه وينعشه، من غير حول به ولا قوة.
ثم فطم من ذلك، فأجرى له رزقا من كسب أبويه، برأفة ورحمة له من قلوبهما، لا يملكان غير ذلك، حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما، في أحوال كثيرة، حتى إذا كبر وعقل، واكتسب لنفسه، ضاق به أمره، وظن الظنون بربه، وجحد الحقوق في ماله، وقتر على نفسه وعياله، مخافة رزقه، وسوء ظن ويقين بالخلف من الله تبارك وتعالى في العاجل والآجل، فبئس العبد هذا يا بني (1).
حقيقة التوكل:
ليس معنى التوكل اغفال الأسباب والوسائل الباعثة على تحقيق المنافع، ودرء المضار، وأن يقف المرء ازاء الأحداث والأزمات مكتوف اليدين.

(1) البحار م 15 ج 2 ص 155 عن خصال الصدوق (ره).
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»