النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٩
وغيره. وأجابوا عن الحديث بأجوبة متعددة قال بعضهم إن المنع في الحديث خاص بما يقع في حضرة النبي صلى عليه وآله وسلم لئلا يتوهم الشارب عند عدم الانكار إنه مستحق لذلك فربما أوقع الشيطان في قلبه ما يتمكن به من فتنته وإلى ذلك الإشارة بقوله في رواية أبي هريرة لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم. وقال بعضهم إن المنع مطلقا في حق من أقيم عليه الحد لأن الحد قد كفر هذا الذنب المذكور والجواز مطلقا في حق من لم يقم عليه كما جاء في حديث عبادة بن الصامت فمن أصاب من ذلك (أي الزنا والسرقة) شيئا فعوقب فهو كفارته. وقال بعضهم إن المنع مطلقا في حق ذوي الزلة والجواز مطلقا في حق المجاهرين. واحتج البلقيني على جواز لعن المعين بالحديث الوارد في المرأة إذا دعاها زوجها إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح والحديث في الصحيح (انتهى من فتح الباري). قال النووي في الأذكار وأما الدعاء على إنسان بعينه ممن اتصف بشئ من المعاصي فظاهر الحديث إنه لا يحرم وأشار الغزالي إلى تحريمه انتهى. قال ابن حجر في الفتح والأحاديث تدل على الجواز كما ذكره النووي في قوله صلى الله عليه (وآله) وسلم للذي قال له كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال لا استطعت.
فيه دليل على جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي ومال هنا إلى الجواز قبل إقامة الحد والمنع بعده (انتهى).
قلت كيف حمل ابن المنير والغزالي ومن تبعهما نهي النبي صلى عليه وآله وسلم أصحابه عن لعن حمار المحب لله ولرسوله على منع التعيين والنهي في الحديث معلل بمحبة الله ورسوله واقع بعد إقامة الحد ولا يفهم للتعيين وعدمه معنى من متن الحديث مع أن عمل النبي عليه الصلاة والسلام وعلى آله وعمل كثير من أصحابه وكثير من أكابر السلف بعدهم في مواطن كثيرة يخالف ما حملا عليه الحديث.
وأقوى حجة في مشروعية لعن المسلم المعين كتاب الله تعالى حيث قال
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»