النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٣٣
والغزالي كما علمت وعلم الكل إمام عظيم من علماء المسلمين ومحقق كامل من محققيهم ولنا به القدوة والأسوة الحسنة في سلوك طريقته واتباع إرشاداته غير أن الإنسان - إلا النبيين - وأن جل شأنه وعظم مقداره ليس بمعصوم من هفوة أو خطأ في اجتهاد ولا يجوز لمن عرف حقا بأدلته الواضحة أن يقلد غيره وأن جل شأنه في خلاف ما عرفه من الحق ولو كان التقليد المحض في كل شئ مجد عند الله تعالى شيئا لكان الإمام الغزالي من أولى من تقلده في ذلك وحينئذ نقول ولا استحياء من الحق ولا هواة في الدين أن هذه هفوة منه رحمه الله لا يجوز لنا الاعتماد عليها ولا اتباعه فيها ولو جاز الاستدلال بهفوات العلماء والأكابر لعظم الخطب وانقلب الحق ظهرا لبطن وقد مر بك قريبا ما يخالف مدعاه مما أوردناه من كلام الله تعالى وأقوال رسول الله صلى الله عليه وآله وأفعاله ومن أقوال الأكابر من الصحابة والتابعين وكثير بعدهم فأرجع إليه.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن له أن يدعها لقول أحد وقال صاحب الهداية سئل أبو حنيفة رحمه الله إذا قلت: قولا وكتاب الله يخالفه قال اتركوا قولي بكتاب الله قيل إذا كان خبرا لرسول الله صلى الله عليه وآله يخالفه قال: اتركوا قولي بقول الصحابة فضلا عن قول الرسول صلى الله عليه وآله (انتهى).
أما قول الغزالي رحمه الله ففي لعن الأشخاص خطر فمبنى على جملة نهى النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام عن لعن حمار المحب لله ورسوله على النهي عن لعن المعين وقد علمت مرجوحية هذا الحمل بل فساده مما قدمناه وأي خطر في لعن من استحق اللعن بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله سواء كان بالشخص أو الوصف إذ الذات الواقع عليها اللعن بكل منهما واحدة.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»