النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٣٤
وأما قوله رحمه الله ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس مثلا فضلا عن غيره فمسلم عند الكل لأن لعن إبليس وغيره ممن يستحق اللعن لم يكن من الفرائض التي افترضها الله على عباده حتى يكون تركها خطرا لكن تركه مفوت للتأسي بما جاء عن الله ورسوله وملائكته في لعنهم من استحق اللعن والتأسي بهم مشروع وهو نافلة من النوافل ولا خطر في ترك النافلة كما لو ترك الإنسان الترضي عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي بل لو ترك الأذان والإقامة وصلاة التراويح مثلا فلا خطر عليه في ذلك أما إذا ترك لعن إبليس شكا في استحقاقه اللعن أو عنادا فهو كافر لرده المنصوص في القرآن ومراغمته ومثله التارك لعن القاتل والشارب مثلا شكا في استحقاقه أما التارك لغير الشك بل للعصبية والهوى فموكول أمره إلى الله تعالى وهذه الجملة لو لم تكن صادرة عن هذا الإمام العظيم لقلنا إن قائلها أراد بها المغالطة والمشاغبة ولكنا ننزهه عن ذلك ونجريها على ظاهرها وهذه المقالات من الإمام الغزالي جرأت كثيرا من أنصار معاوية على مقالات بشعة شنيعة فقال بعضهم لو أن يزيد باشر قتل الحسين بيده واستحله أيضا لم يجز لعنه وقال: آخر لا أبالي أن أقول لو اطلع مطلع على الغيب فعلم أن معاوية مات على غير الإسلام لما جاز له أن يلعنه وقال ثالث إن اللعن من السفه المذموم مع أن كتاب الله تعالى وحديث رسوله صلى الله عليه وآله مشحونان بذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا وقوله: صلى الله عليه وآله لا تسبوا. الأموات فتؤذوا الأحياء فقد قال الحافظ الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار هو مخصوص بما جاء في حديث أنس وغيره أنه صلى الله عليه (وآله) وسلم قال عند ثنائهم بالخير والشر وجبت أنتم شهداء الله في أرضه ولم ينكر عليهم قال: ولأن الكفار مما
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»