النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٢٩
أدري ما الصادف له عن ذلك والحال أنه من كبار العلماء المطلعين وتأليفه كان بعد انقضاء الدولتين الأموية والعباسية إن هذا والله لقريب من الجفاء إن لم يكن الجفاء بعينه.
حاول البعض من أصحابنا وهم القليل تفضيل عائشة على خديجة رضي الله عنهما مع أن أحاديث خيرية نساء الجنة شاهدة لخديجة بالفضل إذ لم تذكر عائشة رضي الله عنها في شئ من تلك الأحاديث ومع أنه عليه السلام غضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب حين قالت له عائشة وقد أبدلك الله خيرا منها وقال لا والله ما أبدلني الله خيرا منها ومع أن خديجة أقرأها جبريل السلام عن ربها وعائشة اقرأها النبي السلام عن جبريل ومع أن خديجة أسبق جميع المسلمين إلى الإسلام إلى غير ذلك ولعائشة رضي الله عنها فضل لا ينكر من نشر العلم ومحبة النبي صلى الله عليه وآله لها وقوله عليه السلام فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام إلى غير ذلك وقد أفرط الملأ علي القاري واستدل بهذا الحديث على تفضيل عائشة مطلقا حتى على فاطمة رضي الله عنها وقارب الجمهور فقالوا عائشة أفضل من فاطمة في بعض الخصال وليست الأفضلية بهذا المعنى من موارد الخلاف أصلا ولسنا الآن في مجال بحث وتدقيق إذ الصبح مسفر لذي عينين ولكنا نبين لك تحامل البعض مهما أمكنهم على أهل البيت عليهم السلام (1).

(١) ذهب أكثر فقهاء الشافعية إلى كراهة الصلاة على الآل في التشهد الأول من الصلوات مع أن ترك الصلاة عليهم مع الصلاة عليه صلى الله عليه وآله منهي عنه بما صح من قوله صلى الله عليه وآله: لا تصلوا علي الصلاة البتراء الحديث وعللوا تلك الكراهة التي زعموها ببناء التشهد الأول على التخفيف وليت شعري أي إطالة تحصل بزيادة أربعة أحرف أو سبعة نهى النبي عن تركها وإذا كانت علة الكراهة عندهم بناؤه على التخفيف فلم كرهوها للمأموم الذي فرغ من تشهده وجلس منتظرا لإمامه فإنهم قالوا يدعوا بدعاء آخر أو يسكت ولا يصلي على الآل وليتهم وقفوا عند الكراهة فقط لا بل قالوا باستحباب سجود السهو في آخر الصلاة أن أتى بها جبرا للخلل الواقع في صلاته بالإتيان بها.
ويقابل هذا ما ذكره الشيخ بن حجر في شرح المنهاج في باب سجود السهو وكثير غيره قالوا يستحب للمصلي أن يسجد للسهو إذا ترك الصلاة على الصحب في القنوت جبرا للخلل الواقع في الصلاة بتركها وأظن أن الشيخ كغيره لا يجهلون أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم أنه صلى على الصحب تبعا للصلاة عليه صلى الله عليه وآله أوامر بها لا في الصلاة ولا خارجها وإنما قاسها من بعدهم على الصلاة على الآل والقياس الذي ذكروه فاسد لعدم الاطراد ولوجود الفارق ولنفرض صحة القياس وسنية الصلاة على الصحب لكن كيف يتصور اختلال صلاة تاركها حتى تجبر بسجود السهو مع خلو صلاة النبي صلى الله عليه وآله عنها إلى أن لقي الله تعالى فما لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله ولو مرة قالوا بسنيته واستحبوا سجود السهو لتركه جبرا للخلل المزعوم وما نهى النبي صلى الله عليه وآله عن تركه كرهوا فعله واستحبوا السجود لمن أتى به جبرا للخلل كما قالوا فليمعن طالب الحق نظره في ذلك أما أنا فأقطع ببراءة الإمام الشافعي مما ذكروه إذ لم يرد عنه نص في شئ من ذلك ولا قاعدة يتخرج عليها ما زعموا بل هو القائل.
يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم القدر إنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له وأكاد أجزم بأن سجود السهو في كلتي المسألتين مبطل للصلاة لأنه زيادة ركن غير مشروع.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»