النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٣٦
أولا - إن الشجاعة ملكة نفسية والملكات النفسية إنما تعرف بآثارها في الخارج وقد ظهرت آثار الشجاعة العظيمة من فعل علي كرم الله وجهه قبل أن يخبره النبي صلى الله عليه وآله بأن قاتله ابن ملجم كما ظهرت بعد أن أخبره ولم يظهر ما يماثلها من غيره.
ثانيا - ماذا يؤمن عليا عليه السلام بعد ما أخبره النبي صلى الله عليه وآله بأنه لا يقتله إلا ابن ملجم من أين يجرح من مبارزه أو تبتر يده أو رجله أو تفقأ عينه أو يؤسر فيعذب ثم يعيش بعاهته إلى أن يقتله ابن ملجم ولماذا كان يلبس البيضة والمغفر والدرع إذا كان مع خصمه كالنائم على فراشه كما زعموا.
ثالثا - إنهم بهذا الاستدلال خصوا أبا بكر رضي الله عنه فقط بأنه أشجع من علي ولا معنى للتخصيص إلا لحاجة في نفس يعقوب إذ يمكنهم أن يقولوا إن كل الصحابة أشجع من علي ودليلهم المزعوم يحتمله.
رابعا - إن عليا وأبا بكر رضي الله عنهما قد سمعا قول الله تعالى قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وقوله جل جلاله فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وقوله عز من قائل وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله كتابا مؤجلا وكلاهما يعلم أن المقتول يموت بأجله كما هو مذهب أهل السنة فكل منهما يعتقد إذا برز للقتال أنه إن كان هذا يوم انتهاء أجله فهو لا محالة ميت إما في المعركة أو على فراشه وإن لم يكن يوم انتهاء أجله فلا يقدر جميع أهل الأرض على قتله اللهم إلا أن زعموا نقصا في يقين أحد منهما وحاشاهما من ذلك كيف وكل مؤمن يوقن بذلك هذا. أعرابي يقول:
يخوفني بالقتل قومي وإنما * أموت إذا جاء الكتاب المؤجل وحيث كان الأمر كذلك فلم خصوا عليا رضي الله عنه باطمئنان القلب
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»