النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١٧٥
ما ثبت وصح عندنا بل وما تواتر من ارتكاب بعضهم ما يخرم العدالة وينافيها من البغي والكذب والقتل بغير حق وشرب الخمر وغير ذلك مع الإصرار عليه لا أدري كيف تحل هذه المعضلة ولا أعرف تفسير هذه المشكلة.
إليك فإني لست ممن إذا اتقى * عضاض الأفاعي نام فوق العقارب أما الأمر بحسن الظن فحسن ولكنه ليس في مقام بيان الحق وإبطال الباطل والكلام على جرح أو تعديل ولو سوغنا هذا لتعطلت الأحكام وبطلت الحدود والشهادات وكبكب الشرع على أم رأسه إذ لا وجه لتخصيص أشخاص دون آخرين بحسن الظن بهم في كل ما يفعلونه إذا ترتب على فعله حكم شرعي إلا بمخصص شرعي وأنى بذلك ولو عممنا القول بذلك لكان حسن الظن حسنا بكل فرد من أفراد المسلمين في كل ما يفعله كما يقول به بعض الصوفية فيتأول حينئذ لكل منهم ما ارتكبه من القبائح والبدع المضلة والكبائر ويحمل كل ذلك على محمل حسن وقصد صالح ويدخل في ذلك الخوارج وغلاة الرافضة فيما يرتكبونه من البدع والتفكير والسب وهلم جرا اللهم غفرانك إن بهذا يتعطل الشرع وتلتبس الأمور ويختلط الحابل بالنابل بل الواجب اجرء كل شئ في مجراه عند إرادة إيضاح الحقائق وبيان المشروعات وبهذا عمل الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم وهكذا عمل جهابذة أصحاب الحديث في الجرح والتعديل في رواة الحديث إلا فيمن له صحبة على حسب اصطلاحهم في تعريف الصاحب وهي نقطة الانتقاد عليهم ومحل الإشكال إذ كيف يمكن طالب الحق أن يعتمد ما قالوه ويجري على ما جروا عليه من التسوية صحة واحتجاجا بين روايات الحكم والوليد ومعاوية وعمرو وأشباههم سبحان الله أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله لا والله ثم لا والله إن الإذعان للحق شأن المنصفين ولكن أكثرهم للحق كارهون.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»