النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١٧٦
ودونك الآن - كما وعدنا - بعض ما جاء من الآيات والأحاديث الدالة على فضائل زمر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنهم يعرف بها علو مقدارهم عند الله وعظيم منزلتهم لديه مما يوجب علينا توقيرهم واحترامهم ومحبتهم واعتقاد حسن سلوكهم ومصيهم غير أن كثيرا من الناس يوردونها مغالطة في فضائل عموم كل من سمى باصطلاح المحدثين صحابيا ليدخلوا في تلك الفضائل معاوية وأشباهه ولكن إذا تأملها المنصف المقيد نفسه باتباع الحق والإذعان له لم يجد لمعاوية وأمثاله فيها ناقة ولا جملا وعرف أن بينه وبين تلك الفضائل بعد المشرقين (أما الآيات) فمنها قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون وتنهون عن المنكر الآية قال ابن عبد البر قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل كنتم خير أمة أخرجت للناس هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وآله.
أثبت الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة الخيرية على سائر الأمم ولا شئ يعدل شهادة الله بذلك ولا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم هم المقصودون أولا بالخطاب وهم صدر الأمة وخيرها وهذه الخيرية هي بحسب مجموع هذه الأمة على مجموع غيرها لا بحسب أفرادها على أفراد الأمم الأخرى إذ لو كان كذلك للزم أن يكون الفاسق من هذه الأمة خيرا من حواريي عيسى عليه السلام وأنبياء بني إسرائيل وهو باطل إجماعا وإذا كان بحسب المجموع حرج أهل الكبائر والبوائق من هذه الأمة عن هذه الخيرية كمعاوية وابنه وكثيرين غيرهما على أن الله تعالى بين جهة الخيرية بقوله تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ومعاوية وأعوانه بضد ذلك على خط مستقيم فإنهم كما قدنا ذلك عنهم وأثبتناه يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويدعون إلى النار قاتلهم الله أنى يؤفكون.
ومنها قوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»