وهل هذه الخيرية بحسب الأفراد أو بحسب المجموع لحا الجمهور إلى الأول والآخرون إلى الثاني.
قلت قد اعترض على استدلال الجمهور بهذا الحديث بأنه لا ينهض بمدعاهم لأن الخيرية التي حاولوا بها إثبات عدالة كل الصحابة شاملة لمن كان في قرنه عليه السلام من المسلمين غير الصحابة فيلزمهم القول بعدالتهم كما قالوا بعدالة الصحابة وإن كل فرد من أهل القرن الأول يكون أعدل وأفضل من الحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز وأمثالهم من أهل القرن الثاني واللازم باطل فبطل الملزوم ويلزمهم أيضا تفضيل يزيد والحجاج وأغيلمة قريش وابن زياد وأمثالهم من فسقة القرن الثاني على أكابر أهل القرن الثالث كمالك والشافعي وسفيان وأمثالهم وليس كذلك فتعين أن المراد في الحديث خيرية المجموع على المجموع وعليه لا ثبوت بالحديث المذكور لعدالة كل الصحابة بل يكونون كغيرهم فيبحث عن عدالتهم إلا من كان ظاهر العدالة أو مقطوعها كالخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة الذين لا مطعن فيهم ولهم السوابق والمشاهد مع النبي صلى الله عليه وآله على أن في صحة حديث خيرية القرون من حيث المعنى مقال مقبول إلا أن تؤول الخيرية أو القرن بما يطابق المعنى لأن الخمسين الأخيرة من سني أول القرون هي شر السنين على الإسلام والمسلمين إذ فيها كانت ولاية يزيد بن معاوية وقتل الحسين عليه السلام وعترته وخيار شيعته واستباحة المدينة الشريفة وهتك حرم ساكنيها وقتل أكابر الصحابة فيها ومحاصرة مكة ورمى الكعبة بالمنجنيق وفيها شرب خلفاء الإسلام الخمور وارتكبوا الفجور وقتلوا المسلمين وسبوا حريمهم ونقشوا على أيديهم كما نقش على أيدي سبي الروم وذلك في خلافة بني مروان وإمرة الحجاج (قال المارزي) في شرح البرهان في الصحابة عدول وغير عدول ولا نقطع إلا بعدالة الذين لازموه صلى الله عليه وآله ونصروه