فالصاحب للنبي صلى الله عليه وآله ومثله غيره هو من عاشره سواء كان مسلما أو كافرا برا أو فاجرا تقيا أو فاسقا كما اقتضته لغة العرب وقامت عليه الشواهد من القرآن والحديث وكلام العرب لا كما اصطلح عليه المحدثون من تخصيص اسم الصاحب بالمسلم فقط ومن حيث إن صدق الصاحب على المعاشر المسلم لا نزاع فيه فلا حاجة إلى تجشم إيراده الأدلة عليه.
(ودونك) أدلة صدق اسم الصحبة بين المسلم والكافر فضلا عن الفاسق والمنافق قال الله تعالى مخاطبا لمشركي قريش ما ضل صاحبكم وما غوى (وقال) جل شأنه قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى تتفكروا ما بصاحبكم من جنة (وقال) تعالى وأملي لهم أن كيدي متين أولم يتفكر وما بصاحبهم من جنة (وقال) عز شأنه فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا (وقال) جل جلاله قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا (وقال تعالى) كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا (وقال) عز وجل وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا وقال: النبي صلى الله عليه وآله حين سئل أن يقتل رأس المنافقين عبد الله بن أبي لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وكذلك قال: في قصة الرجل الذي قال: لما قسم غنائم حنين إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فقال عمر دعني يا رسول الله أقتل هذا المنافق فقال معاذ الله أن يتحدث الناس إني أقتل أصحابي.
(ويعلم) مما ذكرنا أن مجرد الصحبة لغة لا يختص بمسلم ولا بكافر وأن الربح والخسران للمسلم في صحبة النبي صلى الله عليه وآله إنما هو في إحسان الصحبة وإساءتها والصحبة النافعة ما قارنها التعظيم والانقياد له صلى الله عليه وآله وسلم والحب والاتباع كصحبة العشرة المبشرة والسابقين الأولين