النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١٥٩
أخرى أعظم من هذه فرتب الملك أمور هذه المملكة وجعل فيها نوابا من خاصته وأهل بيته وسن لهم قوانين وحد لهم حدودا في جميع أمورهم ووعدهم إذا قدموا عليه بالمكافأة الحسنة والمواهب الجسيمة لمن اتبع ما سنه لهم وبالعقاب الشديد والعذاب الأليم لمن خالفه ثم بعد غيبوبة الملك وذهاب بعض نوابه إليه انتهز ذلك العدو الفرصة وجمع رعاعا وأوباشا وغرهم بالأكاذيب وخدعهم بالأماني ثم ثار بهم في وجه أخي الملك وهو إذ ذاك نائبه وأظهر زورا أن أخا الملك قد أخطأ في أمر ما ليغر اتباعه بذلك ثم لم يزل يراوغ مرة ويحارب أخرى حتى ذهب أخو الملك إليه بداع دعاه فاستحفل ؟ ذلك العدو الباغي ووثب على المملكة ونحى عنها ولد الملك ثم قتله وأبطل أكثر قوانين الملك وطرد خواصه وألحق الذل بعشيرته ورهطه وأهل مودته وسلط عليهم وعلى جميع الرعية رعاعه وسلفته واستصفى أموالهم ولم يأل جهدا في القتل والفساد والجور ثم تألفت بعد عصابة يتسابقون إلى المدح والثناء على ذلك الرجل الباغي جهارا ويتهافتون على تعظيمه وستر عيوبه وفواقره ونهى الناس عن ذكرها ويحثونهم على التكذيب بوقوعها مهما لكنهم ذلك ويختلفون له المعاذير الواهية.
ويرغبون إلى الملك أن يسبغ عليه أفضاله ويجازيه بأحسن الجزاء على ما ارتكب من الفظائع في بيت الملك وخاصته ورعيته لأنه واحد من جنده واغتفروا له كل عظيمة في جنب هذه المقدمة العقيمة وتصامموا وتعاموا عن ما أصاب الملك من هتك في أولاده وذل في خاصته وإفساد في رعيته ومجاهرة بعصيانه وإهدار لأحكامه وإهانة لشرفه ثم مع هذا يزعمون أنهم صاروا بعملهم هذا أخص الناس بالملك وأطوعهم له وأقربهم منه والأحق بعنايته وحلول نظره عليهم لأنهم التزموا الأدب مع الملك في زعمهم بحفظهم حرمة جنده الذي ربما مشى في ركاب الملك أو قضى حاجة من طفيف حاجاته فهم
(١٥٩)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الجنابة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»