النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١٤٩
معاداته وبغضه لعلي بن أبي طالب عليه السلام إذ لا ينكرهما أحد وكتب السير طافحة بذلك وبغضه للأنصار قد قدمنا ما يدل عليه في ذكر البوائق فارجع إليه.
أفبعد صدور هذه الكبائر من معاوية وثبوتها عنه بالتواتر والنقل الصحيح وسماع ما جاء من الآيات والأحاديث في حق مرتكبها يسوغ لطالب الحق الإغضاء والتغافل والتصامم عنها ثم مجاوزة الحد إلى إهدار تلك الأدلة بإطرائه والترضي عنه وتسويده اعتمادا على ما تداولته السنة سابقيه من أن معاوية مجتهد متأول مأجور الله يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور كم طمست بهذه الكلمات أعلام من الحق وكم جحدت بها حقائق وكم رفعت بها ألوية من الباطل وشيدت بها أبراج من المغالطة كلمات ربما كان أول من قالها قالها لقصد خاص فاتخذت بعد ذلك حجة لدى القوم يعارضون بها كل دليل ويردون بها النص الصريح وينسخون بها ما جاء عن الله ورسوله كأنه نزل بها كتاب من الله أو وحي إلى رسوله اطلعهم به على ضمير معاوية وحسن قصدة وصلاح نيته ثم تراهم مع ذلك يرعدون ويبرقون ويأخذهم المقيم المقعد من الغيظ وينذرون بكل طامة ولأمة ويمثلون كل هاوية عميقة أمام كل من ناقشهم في دعواهم الحساب أو طالبهم بدليل على ما اخترعوه واعتمدوا عليه من إثبات الاجتهاد والأجر أيضا على بغي ذلك الطاغية وأعوانه.
كان صالحوا أهل المصدر الأول يؤنبون معاوية ويعظونه ويواجهونه بتقريعه على سوء أفعاله ومنهم من هجره في الله ومنهم من لعنه ودعا عليه ثم ذهب الصحابة واستفحل ملك بني أمية وكثر تعديهم وطم جورهم فالتزم الكثير منهم السكوت عن ذكره خوفا من الفتنة ثم جاء أقوام من بعدهم فاتخذوا سكوت من قبلهم عن بيان فجوره وإعلان فسقه وتجويز لعنه ذريعة إلى تبريره وتعذيله ثم ما لبثوا أن زادوا على ذلك أنه إمام حق وخليفة صدق
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»