وكانت وقعة الجمل في جمادى الآخرة، سنة ست وثلاثين، وقتل بها طلحة والزبير، وبلغت القتلى (1) ثلاثة عشر ألفا، و [قد] أقام علي بالبصرة (2) خمس عشرة ليلة، ثم انصرف إلى (3) الكوفة، ثم خرج عليه معاوية [ومن معه بالشام]، فبلغ ذلك (4) عليا، [فسار]، فالتقوا بصفين في صفر، سنة سبع وثلاثين، ودام القتال (5) بها أياما، فرفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها، مكيدة من عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابا أن يوافقوا على حكم الحكمين، ثم انصرفوا (6). فخرجت الخوارج على علي، فقالوا: " لا حكم إلا لله "، فاجتمعوا بحروراء، فبعث إليهم ابن عباس فخاصمهم وحاججهم (7)، فرجع منهم قوم كثيرون (8)، وثبت قوم فساروا إلى النهروان، فسار إليهم علي فقتلهم، وقتل منهم ذا الثدية، الذي أخبر به (9) النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك سنة ثمان وثلاثين.
فأقام الحكمان أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص في موضع من الشام (10).