(قال نصر:) وجاء الأشعث إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، ما أرى الناس إلا وقد رضوا (وسرهم أن يجيبوا) إلى ما دعاهم إليه معاوية من حكم القرآن، فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد (ونظرت ما الذي يسأل).
قال: آتيه إن شئت.
فأتاه فسأله: يا معاوية، لأي شئ رفعت (هذه) المصاحف؟
قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به في كتابه، فابعثوا رجلا منكم ترضون به، ونبعث منا رجلا، ونأخذ عليهما العهد أن يعملا بما في كتاب الله، ولا يتجاوزان عنه، ثم نتبع ما اتفقا عليه.
فقال الأشعث: هذا هو الحق.
وانصرف إلى علي فأخبره، فلما رأى علي أنهم لا يقبلون إلا التحكيم، بعث القراء من أهل العراق، وبعث معاوية القراء من أهل الشام، فاجتمعوا بين الصفين، ومعهم المصاحف، فنظروا في المصاحف وتدارسوا واتفقوا على رجلين يحييان ما أحيا القرآن، ويميتان ما أمات القرآن، (ورجع كل فريق إلى صاحبه) فقال أهل الشام: (إنا) قد (رضينا و) اخترنا عمرو بن العاص، وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد (قد رضينا و) اخترنا أبا موسى الأشعري.
فقال لهم علي عليه السلام: إني لا أرضني بأبي موسى، ولا أرى أن أوليه.
فقال الأشعث، وزيد بن حصين، ومسعر بن فدكي، وعصابة من القراء: إنا لا نرضى إلا بأبي موسى، (فإنه كان قد حذرنا ما وقعنا فيه).
فقال علي: إنه (ليس لي برضا وقد) فارقني وهرب مني، وخذل الناس عني