منزلتها وأثنين عليها بكل تلك الكرامات والسعادات والمواهب الجميلة والمناقب الجليلة، وباركن لأبيها بهذه النعمة المحمودة والمكرمة المسعودة، وكان الناس رجالا ونساء يدعون النبي بها، وينسبونه إليها كما فعل الجارود ابن المنذر النصراني في عام الحديبية حينما أسلم، وكان عالما بالطب والفلسفة والكتب السماوية; قال في قصيدة:
أتيتك يا بن آمنة الرسولا * لكي بك أهتدي النهج السبيلا (1) إلى آخر ما قال... ولم تكن هذه النسبة إهانة، بل كانت على سبيل التفخيم والجلالة.
أقول: إن ما دلت عليه أخبار الإمامية، واشتهر بين الفرقة الحقة الاثني عشرية زاد الله نظائرهم، أن والدي رسول الله ماتا على الإيمان الكامل والإسلام الخالص، ولم يتدينا بأديان أهل مكة طرفة عين أبدا، ولم يعبدا إلا الله.
نعم; حاول جملة من عبيد معاوية وعشاق الدنيا وأتباع الهوى أن يأولوا بعض الآيات والروايات إطاعة لأمر معاوية في كفر أبي طالب (عليه السلام) فحاولوا محاولات مضحكة في تأويل ظواهر الآيات في والدي النبي إكمالا لمرادهم، كما تبين من كلام الفخر الرازي، ولكن رأيهم لا يصمد أمام النقد، ومع ذلك فقد أجاب عليه الأصحاب بأجوبة سديدة، إضافة إلى ما مر من أشعارها التي رواها السنة قبل موتها وإخبارها عن الغيب، ودلالتها على حسن عقيدتها وشهادتها ببعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ونروي هنا شيئا من الأحاديث النبوية والأخبار المروية عن الأئمة