لا تؤمن تلك المخدرة؟ وهل يستقيم هذا الظن الفاسد والخيال الكاسد مع ظهور كل تلك المعجزات وبروز تلك الآيات البينات؟! حاشاها من هذه العقائد الفاسدة والنيات الكاسدة، بل ينبغي أن يقال في حق من يموت على هذه العقيدة الباطلة: لا جزاه الله خيرا.
فنقول: إذا قامت القيامة وأخرجت أمهات الأنبياء والأوصياء والصديقين والأولياء الكاملين رؤوسهن من التراب، فكم سيكون لهذه المخدرة من حرمة خاصة ومنزلة شريفة عند فاطمة الزهراء لا تكون لغيرها من النساء، سيما حينما تستظل آمنة خاتون تحت لواء الولاية، وتدخل في حمى النبوة والشفاعة، فأي امرأة تفضل عليها وتتطاول إلى مقامها؟!
إني اعظم مابي أن اشبهها * يوم القيامة من مثل ومقدار أقول: كان الملوك والسلاطين وأشراف مكة وصناديد قريش وسدنة البيت وخدام الحرم ورؤساء القبائل يتمنون لسنوات طويلة مصاهرة عبد المطلب، فكانوا يعرضون بناتهم الخيرات الحسان بلا مهر ولا عوض، بل كانوا يبذلون المهر وأكثر لعلهم ينقلون النور الساطع اللامع في جبينه إلى أرحام بناتهم، ويشرفون أسرهم بهذا الفخر. فلما تزوجت السيدة آمنة تكدرت منها النفوس وأعرضت عنها القلوب، ورأوا أن النور النبوي المحمدي (صلى الله عليه وآله وسلم) انتقل من صلب عبد الله إلى صدر آمنة بين ثدييها، فحسدوها وأرادوا إطفاء ذلك النور سيما نساء مكة، حيث كانت آمنة على مرأى ومسمع منهن، وشاهدن انتقال النور الطيب إليها، فمات منهن - كما في البحار - أكثر من مائتين باكر نادرة الحسن والجمال فتعرين من كسوة الدنيا وتغطين بإطباق التراب وسلمن أرواحهن إلى الموت بعد أن ماتت آمالهن ويئسن من الوصال مع عبد الله عديم المثال.