البحر؟ فإن كان فيك مقام الخليل، فعندي المقام الجليل، وإن كانت كعبتك بينة الحسن فحالي كله جميل، وإن فخرت بتقابل بيت المعمور، فبيوتي كلها بنور الحبيب مغمور، وإن أتيت بالصفا أتيت بالنبي المصطفى، وإن نظرت إلي من عين البيت وزمزم بالمقلة السوداء قابلتك بالقبة الخضراء، وبهرتك من بيت مالي البيضاء والصفراء، ونظرت إليك بالعين الزرقاء.
وأما ما ذكرت من تضعيف صلاتك، فالتضعيف يحتاج إلى طبيب حاذق فإنه ضعيف ولم يسلم بسنده ولا متنه بأسنة السنة النقاد من الطعن والتجريح.
وأما حديث مسجدي فشائع سائغ من المحض الصريح، أوما بلغك أنه سينزل في كل يوم وليلة بعد صلاة الفجر على الضريح سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إلى آخر الدهر.
وأما ما ذكرت من أن فيك مولد النبي العظيم فقد صدقت، ولكن ولدته وربيته، وأخرجته وآويته، وخذلته ونصرته، وعققته وبررته، كان بطني وعاءه، وكنت له اما شفيقة وذلك كما قيل بجدي لا بكدي.
فحين قرع سمع مكة هذا الكلام، قامت وقعدت وبرقت وأسفرت عن وجهها فضل نقابها، وكشفت ما كانت سدلت من حجابها، ونطقت بملء فيها، وأظهرت السرائر التي كانت تخفيها، وقالت: وا عجباه! يا صفراء ويا بيضاء! غري غيري!! ويحك تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، فما هلك امرء عرف قدره، ولم يتعد طوره، ألست أم القرى؟ أليس أنه أقام في ثلاثة وخمسين سنة سيد الورى؟ وإنما أقام بك عشرا أو ما دون العشر، ألست أول بيت وضع للناس؟ أليس الخليل والذبيح رفعا مني الأساس؟ أفيك كل يوم وليلة تنزل مائة وعشرون رحمة؟ أم