بيان وفيه نور وإيمان قال الشيخ البهائي في إثبات النبوة الخاصة: الإنسان إما أن يكون ناقصا وهو أدنى الدرجات، وإما أن يكون كاملا في ذاته لا يقدر على تكميل غيره وهم الأولياء، وإما أن يكون كاملا في ذاته قادرا على تكميل غيره وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهم في الدرجة العالية، ثم إن الكمال والتكميل إنما يعتبر في القوة النظرية والقوة العملية، ورئيس الكمالات في القوة العملية طاعة الله تعالى، وكل من كانت درجاته في كمالات هاتين المرتبتين أعلى، كانت درجات ولايته أكمل، وكل من كانت درجاته في تكميل الغير في هاتين المرتبتين أعلى، كانت درجات نبوته أكمل، إذا عرفت هذا فنقول: إن عند قدوم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان العالم مملوء من الكفر والشرك والفسق، أما اليهود فكانوا من المذاهب الباطلة في التشبيه وفي الافتراء على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، وفي تحريف التوراة، وأما النصارى فقد كانوا في إثبات التثليث وتحريف الإنجيل قد بلغوا الغاية، وأما المجوس فقد كانوا في إثبات الإلهين ووقوع المحاربة بينهما وفي تحليل نكاح الأمهات والبنات قد بلغوا الغاية، وأما العرب فقد كانوا في عبادة الأوثان والأصنام وفي النهب والغارة قد بلغوا النهاية، وكانت الدنيا مملوءة من هذه الأباطيل، فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقام هو بدعوة الخلق إلى الدين الحق انقلبت الدنيا من الباطل إلى الحق ومن الكذب إلى الصدق، ومن الظلم إلى النور، وبطلت هذه الكفريات وزالت هذه الجهالات في أكثر بلاد العالم وفي وسط المعمورة بمعونة الله، وانطلقت الألسن بتوحيد الله تعالى، واستنارت العقول بمعرفة الله تعالى،
(٤٦٤)