فغوى) (1) فبكى آدم لما رأى نفسه عريانا ذليلا لا يجد ما يستر به نفسه، فالتفت إلى أشجار الجنة وكان لها أوراق عريضة يمكن أن تستر عورته فبادر إليها يقطع منها، وكان كلما اقترب من شجرة ابتعدت عنه وراحت تعلو وتعلو بحيث لا تصل إليها يده، فبادر إلى شجرة التين وكانت هذه الشجرة قد رأت آدم من قبل في جلاله وعظمته، فرحمته وحنت عليه لما رأت من ذله وحيائه، فانحنت فقطع منها أربعة أوراق، وفي رواية ورقتين، ستر بأحدهما أمامه وبالأخرى أمام حواء، فدعى آدم للشجرة ووصل النداء من الحضرة الأحدية في عالم المعنى لشجرة التين: أن يا شجرة لماذا أعطيت آدم ما يتستر به وباقي أشجار الجنة امتنعت عن ذلك؟
فقالت الشجرة: يا مليكي ويا معبودي إني رأيت عزتك وحرمتك التي عاملت بها آدم من قبل، فلما رأيته في حاله هذه رحمته فأعطيته ما يتستر به رعاية لحرمتك، فإن كنت قد أخطأت فاغفر لي خطيئتي، وقالت بلسان الحال «إلهي ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا غفار الذنوب».
فجاءها النداء من جانب رب الأرباب: لأنك أكرمت عزتي وحرمتي، فإني جعلت ثمرتك بفضلي حلوة وأكرمتك وأحترمتك.
فلما ستر آدم نفسه أخرجوه من الجنة وقيل: أركب آدم على حية وحواء على طاووس وأخرجا من الجنة. فهبط آدم على جبل «سرانديب» في ناحية الهند (2)، وأنزلت حواء في ناحية الحجاز قرب اليمن، وكانت المسافة بينهما حوالي ألف وسبعمائة فرسخ، فاشتغل آدم بالبكاء والتضرع مدة مائتي عام، وفي الرواية