ما طعمنا طعاما، إن الحسن والحسين قد اضطربا علي من شدة الجوع، ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان. فأنبههما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذ واحدا على فخذه الأيمن والآخر على فخذه الأيسر وأجلس فاطمة بين يديه واعتنقها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ودخل علي بن أبي طالب فاعتنق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ورائه، ثم رفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طرفه نحو السماء فقال:
إلهي وسيدي ومولاي، هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ثم وثبت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى دخلت إلى مخدع لها، فصفت قدميها فصلت ركعتين ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي، هذا محمد نبيك، وهذا علي ابن عم نبيك، وهذا الحسن والحسين سبطا نبيك، إلهي أنزل علينا مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل أكلوا منها وكفروا بها، اللهم أنزلها علينا فإنا بها مؤمنون.
[قال ابن عباس: والله] ما استتمت الدعوة فإذا هي بصحفة من ورائها يفور قتارها، وإذا قتارها أزكى من المسك الأذفر، فاحتضنتها ثم أتت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) [وعلي والحسن والحسين]، فلما نظر إليها علي قال لها: يا فاطمة من أين لك هذا؟... فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل يا أبا الحسن ولا تسأل، الحمد لله الذي لم يمتني حتى رزقني ولدا مثلها مثل مريم بنت عمران ﴿كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾ (1).