الطاهرة في شدة جمعت من ذلك الحصى ووضعته في القدر، فكانت تصنع منه طعاما لذيذا تقدمه لولديها.
فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الخبر قال: الحمد لله الذي جعل لفاطمة ما جعل لذرية الأنبياء.
أقول: لعل عبارة الحديث: «يا فاطمة جعل الله لك خيرا مما جعل لذرية الأنبياء» فإني لم أجد قط أن السابقين وضعوا الحصى في القدر فصار طعاما لذيذا وغذاءا لطيفا; نعم حدثت معجزات من هذا القبيل للأنبياء، ولكن لم أر فيها مثل هذه الخصوصيات بل إن هذه الخصوصيات كرامة خاصة بفاطمة صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، فكم لها من الآثار والأخبار والمناقب التي لا تستر ويستر وجه النهار، والسيرة التي هي عنوان السير والمفاخر التي يتعلم منها من فخر، وأي فخر يقابل فخرها وقد قرن الله تعالى رضاه بحبها وسخطه بغضبها، ونعم ما قيل:
محاسن من مجد متى يقرنوا بها * محاسن أقوام تعد كالمعائب وكانت (عليها السلام) موصوفة برقة القلب، وهموع الطرف، وإسكاب الدمع، وأوقاتها مستغرقة بمشاغل البيت والعبادة، وهي تخدم في بيتها مع أنها أحب الخلق إلى رسول الله، وأي حسنة ومزية تعدل حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ورد في التفسير في قوله تعالى: ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين﴾ (1). عن أبي هريرة قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «يا رسول الله! أينا أحب إليك أنا أم فاطمة؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة أحب إلي منك وأنت أعز علي منها، وكأني بك وأنت