وقال: إقرأ فاطمة السلام وقل لها فلتطلب ما في الغبراء والخضراء، وبشرها أني أحبها.
فقلت: يا رسول الله: شغلتني عن مسألته لذة خدمته، لا حاجة لي غير النظر إلى وجهه الكريم في دار السلام. فقال: إرفعي يديك، فرفعت يدي ورفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يده حتى بان بياض أبطيه ثم دعا لأمته فقال: «اللهم اغفر لأمتي».
فقلت: آمين، فهبط جبرئيل وقال: قال الله: غفرت لمن أحب فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها من أمتك، فطلبت كتابا فجاءني جبرئيل الأمين بهذا الحرير الأخضر وفيه هذه الرقعة البيضاء مكتوب فيه بيد القدرة ﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة﴾ (١) وشهد على ذلك جبرئيل وميكائيل; فقال أبي: احفظي ذلك وأوصي أن يدفن معك في قبرك، فإذا كان يوم القيامة وتصاعد لهيب النيران أدفعه إلى أبي ليأخذ لي بما وعدني ربي.
أنظروا يا شيعة فاطمة إلى علو همتها وسمو فتوتها وبعد نظرها، حيث بذلت فاطمة الطاهرة ما عندها اقتداء بأبيها وسألت رضا الله ولقاء المولى بمفاد قوله تعالى ﴿ومن يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا﴾ (2) ولم تسأل شيئا من حطام الدنيا ولا من أجر الآخرة سوى النظر إلى وجهه الكريم، ومسلم أن هذا المقام من أعلى المقامات التي قد ينالها كبار الأنبياء وأولو العزم غدا يوم القيامة. وهذا هو معنى «عدم ترك الخدمة والإقبال على النعمة»، وإذا طلبت شيئا آخر فإنما تطلب المغفرة والسعادة لأمتها.