فلما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة العشاء انفتل، وقال لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل معك؟ فقال علي (عليه السلام): حبا وكرامة، وتقدم إلى البيت يبشر فاطمة (عليها السلام) ثم أعقبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إن فاطمة دخلت البيت ووضعت وجهها على التراب، وقالت: اللهم بحق محمد وآل محمد ابعث إلينا طعاما. فشمت وهي في السجود رائحة الطعام، فرفعت رأسها فوجدت جفنة تفوح منها رائحة أطيب من المسك. فحملتها وجاءت بها إلى أبيها فقدمتها إليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنى لك هذا الطعام؟ قالت: من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب. فأكل منها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والحسنان، فجاء سائل فقام علي (عليه السلام) ليعطيه من ذلك الطعام، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هذا إبليس سمع أننا نأكل من طعام الجنة فجاء يشاركنا (1).
وروي أن الله عوض عليا عن الدينار الذي أعطاه لمقداد عشرين أجرا:
اثنين في الدنيا وثمانية عشر في الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وأجرا الدنيا هما ما ورد في الخبر:
إن النبي وعليا كانا في المسجد فجاء أعرابي واعتزل عليا وأعطاه صرة فيها ذهبا ثم غاب، فحمل علي الصرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هل تعلم من هو ذا الأعرابي؟ فقال علي: الله ورسوله أعلم، فقال: هو جبرئيل استخرج الآن كنزا من كنوز الدنيا أعطاك هذا عوضا عن دينارك الذي أعطيته المقداد.
هذا الأجر الأول، والأجر الآخر تلك المائدة التي نزلت عليهم.