وهذه البشائر تزرع الأمل في قلوب محبي فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وهنا أروي ما في كتاب «التبر المذاب»، لأني أردت نقل بعض الأخبار عن طرق العامة مما تسالم عليه الفريقان، وهو ما رواه أيضا ابن الجوزي ليعلم محبو هذه الأسرة إذعان الآخرين بهذه الفضائل واتفاقهم عليها مع الخاصة في الجملة.
«إعلم لما حضرت الوفاة سيدة العصمة والعفاف دخل عليها أمير المؤمنين فوجد عندها حقة، فسألها عنها فقالت: فيها حرير أخضر، وفي الحرير ورقة بيضاء، وفي الورقة عدة سطور يسطع منها النور. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): وماذا كتب فيها يا بنت خديجة الكبرى؟ قالت: يا سفينة النجاة ويا ابن عم رسول الله، لما زوجني أبي منك وأخبر أن عقدي قرء تحت شجرة طوبى فنثرت الحلي والحلل - وقد ذكرنا نثار شجرة طوبى مرارا - كان عندي ثوبان أحدهما قديم والآخر جديد، وكنت جالسة للعبادة ليلة الزفاف فإذا بسائل ينادي: يا أهل بيت النبوة ومعدن الخير والفتوة أعطوني ثوبا قديما فإني فقير، فأعطيته الثوب الجديد، فلما أصبح الصباح غدا علينا رسول الله بوجهه المنور، فقال: أين ثوبك الجديد ما أراك تلبسينه؟! فقلت: ألم تقل أن الصدقة باقية فإني تصدقت به. فقال: لو تصدقت بالقديم ولبست الجديد فهو أرعى لزوجك وللفقير، وأحفظ لك من حرارة الصيف في أيام الصيام. فقلت: لقد اقتديت بك يوم تزوجت بخديجة فبذلت مالها وجاءك السائل فأعطيته ثوبك واشتملت بالحصير، ورأيتك تصنع مثل ذلك كثير مما لا يفعله غيرك، حتى جعلت الجنة لك ونزل فيك: ﴿ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا﴾ (1) فبكى النبي وضمني إلى صدره، وقال: هبط الأمين جبرئيل