تعالى: ﴿وجعل بينكم مودة ورحمة﴾ (1)، وأثر المودة والرحمة القلبية الاهتمام والالتزام بالخدمة، وبالتالي يكون هذا الحفظ راجعا إلى الله الحق، يعني أن الله حفظ أيوب من أذى قومه، والأمر الآخر بواسطة أهله «رحمة».
ورحمة الممدوحة في القرآن هي بنت افرائم بن يوسف بن يعقوب (عليه السلام)، وقد بالغت في خدمة أيوب ومداراته، حتى قال عنها الإمام (عليه السلام): «رحم الله رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء، وخفف عنها» (2).
وقد ذكرت تفاسير أهل البيت وأخبارهم قصة أيوب وما فيها من نصائح وعبر من حيث توالي النعم والمواهب الحميدة وتواترها عليه وشكره الذي بلغ أعلى مراتب الكمال وفقدان كل شيء في فترة قصيرة جدا ليختبر في ذلك، وما لاقاه من قومه من جفاء وهجر بعد ما ابتلي بالدمامل والبثور إلا زوجته الكريمة «رحمة»، فإنها صبرت على كل تلك البلايا، إن في ذلك لآيات وعبر يهتدي بها المهتدون ويعتبر بها المعتبرون.
وقد حفظت «رحمة» نفسها من الوساوس النفسانية والتسويلات الشيطانية; وذلك لعفتها الشديدة من جهة، ولإنتسابها إلى النبوة من جهة أخرى.
ولو أمعنا النظر لوجدنا أن المراد من الحفظ الذي مدحت به رحمة هو القسم الثالث، أي حفظها نفسها، وهو برزخ بين حفظ الله وحفظ أيوب (عليه السلام)، فرحمة حفظت نفسها من الالتفات إلى غير زوجها وأدت حقه، فأعانها الله وسددها ومدحها على هذه السعادة العظمى، فقال في سورة الأنبياء: (وأيوب إذ نادى ربه