الأصيلين والأساسين النبيلين - أي علم التفسير وعلم الحديث - فهم بهما جاهلون، وعن فهمهما غافلون، ومع علمهم بأن التوغل والتعمق في هذين المسلكين الشريفين والمصدرين المنيفين نجاة من الهلكات في الدنيا والآخرة، إلا أنهم هجروا النهج المبين لميل نفوس جماعة من المنحرفين، فتباهوا وتفاخروا بحفظ اللغات الغريبة وضبط القوانين المنطقية والفلسفية والإستنباطات الخيالية والنظرات الوهمية; ولقد أجاد القائل:
كاف كفر أي دل بحق المعرفة * خوشترم آيد زفاى فلسفه (1) إن الكتب الإسلامية هي مجموعة القوانين العامة الإلهية والذخيرة التي تتضمن آداب ورسوم الأمم الأخرى المنسوخة، لذا فالكتاب والسنة فيهما كل علم وحكمة وتبيان لكل شئ، وإن الذين سلكوا هذا الطريق وحازوا مراتب الكمال في هذين العلمين الواسعين العظيمين ألفوا الكتب في التحريض والترغيب في اكتساب هذين العلمين المباركين، وأخبرونا عن مصدر الوحي الإلهي ولسان النبي الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) ليعلم الجاهل ويتنبه الغافل ويفهم العاقل، ولكن - وللأسف - لم نجد في هذا الزمان - مع وجود الإمكانات وكثرة الكتب - مميزا قادرا ومتكلما ماهرا يمد الناس المستعدين للتقبل، ويشد قلوبهم ويقيم لهم عمودي التوحيد، ويشيد هذين الركنين، ويروج علوم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المأخوذة من الكتاب الكريم والقرآن العظيم والوحي السماوي والإلهامات الرحمانية.
قال الصادق (عليه السلام): «أحاديثنا يعطف بعضهم (2) على بعض، فإن أخذتم بها