لأنه مولد فاطمة فقط، فيضع وجهه متذللا متضرعا على تلك الأعتاب، ويرفع يديه مبتهلا في غاية الرقة، ويتحسس لهيب الأشواق، وفي مكة بيوت أخرى ولدت فيها بعض أمهات المؤمنين وغيرهن من مشاهير النساء، غير أنك لا تجد من يعبأ بها أو يقبل عليها مخالفا كان أو مؤالفا.
أراد الله لهذا الاسم المبارك أن يشيع ويذيع بين أهل مكة، وجعل محل ولادتها - وهي المستورة الكبرى - موضعا لإجابة الدعاء وموطنا لنزول البركات، وكيف لا يكون كذلك؟ وهي شجرة طاب أصلها، وبسق فرعها، وعذب ثمرها، وبورك في الذر قدرها، وقدست في الزبر وضعها.
* * * [حكاية زيارة المستنصر لسر من رأى] ورأيت في مصدر معتبر أن المستنصر العباسي لما وصل سر من رأى سأل عن قبور آبائه، فدلوه على موضع جمعت فيه القاذورات وصار مزبلة يغطيها ذرق الطيور والخفافيش، فلما تشرف بزيارة الإمامين العسكريين (عليهما السلام) رأى القناديل الثمينة معلقة، والسجاد الغالي مبسوط، والشموع الكافورية مشتعلة، والمجامر والبخور والطيب منتشر، وشذى العطور يملأ الأجواء، والروضة الشريفة مزدحمة بالزوار، رجالا ونساءا، شيبا وشبانا، يطوفون حول القبر المقدس ويطلبون الحاجات.
فقال أحد الحاضرين للمستنصر: كانت الدنيا بأيديكم تحكمون البلاد وتتسلطون على رقاب الناس، ما خدمت الدنيا أحدا كما خدمتكم، ولا سلطت