الثالث: في معاني الأخبار وتفسير علي بن إبراهيم القمي: دخل ابن أبي أسعد (1) على الرضا - صلوات الله عليه - فقال له: أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك؟ فقال له: مالك أطفأ الله نورك وأدخل الفقر بيتك، أما علمت أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عمران: إني واهب لك ذكرا فوهب له مريم، ووهب لمريم عيسى، فعيسى من مريم، ومريم من عيسى، ومريم وعيسى شئ واحد، وأنا من أبي وأبي مني، وأنا وأبي شئ واحد (2).
والمراد أن الله أوحى إلى عمران «بشارة الولد» وهو دليل على نبوته، وذكر المجلسي قولا في نبوته، وذكر في موضع آخر أنه كان إمام بني إسرائيل وصاحب قربانهم - وكانت حنة جدة عيسى اعتقدت بالوحي الإلهي والبشارة السماوية التي بشرها بها زوجها، وكانت تنتظر الولد الوعود، فلما حملت نذرت ما في بطنها محررا لما اعتقدتها من كونه ذكرا، فلما وضعتها أنثى (قالت إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى) أي إنك وعدتني بذكر يكون رسولا وهذه أنثى.
قال المفسرون: كان حق العبارة أن تقول «ليس الأنثى كالذكر» فعكست.
قال البيضاوي: جعلت الأصل فرعا والفرع أصلا لإثبات المراد كما يقال: القمر كوجه زيد مع أن القمر هو الأصل وزيد هو الفرع، وهو استعمال جار في الأعم الأغلب في المبالغات في نفي التشبيه والجنسية.
قال علي بن الحسين المسعودي: «مراد حنة أن الولد الموعود في الفضل والعمل والإخلاص ليس كمثل هذه البنت، والرسالة خاصة بالذكور وليس