وغيره، ليعلم القراء كيف أن فاطمة كانت تتجلى فيها آثار الولاية والمعرفة الكاملة والعلوم الحقة، وتأنس بالكرام من الملائكة المقربين، وتتلقى العلوم الغيبية وتستفيض وتفيض من خطاباتهم، مع أنها ليست في رتبة الإمامة ولم تكلف بهذا التكليف.
ويكفينا في هذا الباب الاستشهاد بحديث مصحف فاطمة، ولا حاجة إلى شاهد آخر.
ففي الكافي في باب المصحف عن حماد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) في حديث:..
فأرسل إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لها: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي، فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) يكتب كلما سمع، حتى أثبت من ذلك مصحفا. قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون (1).
وفي الحديث أسرار يأتي شرحها إن شاء الله تعالى.
أما حديث بصائر الدرجات، ففيه بعد ذكر الجامعة والجفر معنى المصحف، وفيه تصريح باسم جبرئيل، قال: وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزائها على أبيها، ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (عليها السلام) (2).
وروى الصدوق عليه الرحمة في علل الشرائع في ذيل الآية المذكورة قال:
مريم لم تكن نبية وكانت محدثة، وأم موسى بن عمران كانت محدثة ولم تكن نبية،