وفي حديث الغدير قالوا: «هذا صحيح الإسناد على شرطهما ولم يخرجاه».
وهذا النوع من الكذب والتحريف معروف عند البخاري ومسلم، ولا يشك فيه أحد، وقد دأبوا في كتبهم المعتبرة على أن يطعن بعضهم على بعض، ويقدح ويجرح بعضهم بعضا، ويفضح كل منهم مساوئ ومخازي الآخر، وكل هذه الفضائح ناشئة من الإعراض عن محبة العترة النبوية، وكتمان فضائلها ومناقبها.
ولو شئت أن أكتب عن تمويهاتهم وأغراضهم الفاسدة ومجانباتهم للإنصاف في صدر الإسلام، والأبحاث والإشكالات التي أوردها محدثو العامة على الصحاح الستة وصحاحهم الأخرى وفساد أصولهم وفروعهم لطال بنا المقام، وأخاف أن يتهرب المخالف من هذا الكتاب فيقتنع بصواب بعض ما فيه ثم لا يقبل الحق ولا يلتزم الإنصاف وإن كان كذلك فإنه «ليس أول قارورة كسرت في الإسلام»، ولكني سأكتفي بحديث واحد من أحاديثهم أخرجه الحميدي في الجزء الرابع والأربعين من الجمع بين الصحيحين. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سب اثنين من الصحابة وقال: إني شرطت على ربي أن يجعل لي أجرا بسب كل مسلم أو لعنه (١).
فإن صح هذا الحديث جاز لكل مسلم أن يدعو لرسول الله بالتوفيق للعن المسلمين جميعا لينال بكل واحد منهم أجرا، وعلى المسلمين أن يرضوا بسب نبيهم لأن في ذلك أجر للساب، ولا حرج على لاعن أبدا بمفاد ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ (2) فيجلب بذلك نفعا، ويكسب أجرا.