= باب الهجرة الثانية إلى الحبشة لا يخفى أنه لما وقع ما ذكر انطلق إلى الحبشة عامة من امن بالله ورسوله أي غالبهم فكانوا عند النجاشي ثلاثة وثمانين رجلا وثماني عشرة امرأة وهذا بناء على أن عمار بن ياسر كان منهم وقد اختلف في ذلك وكلام الأصل يميل إلى ذلك وكان من الرجال جعفر ابن أبي طالب ومعه زوجته أسماء بنت عميس والمقداد بن الأسود وعبد الله بن مسعود وعبيد الله بالتصغير بن جحش ومعه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان فتنصر هناك ثم مات على النصرانية أي وبقيت أم حبيبة رضى الله تعالى عنها على اسلامها وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي وعن أم حبيبة رضى الله تعالى عنها قالت رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسواء حال وتغيرت صورته فإذا هو يقول حين أصبح يا أم حبيبة انى نظرت في هذا الدين فلم أر دينا خيرا من دين النصرانية وقد كنت دنت بها ثم دخلت في دين محمد ثم خرجت إلى دين النصرانية قالت فقلت والله ماخير لك وأخبرته بما رأيته له لم يحفل بذلك وأكب على الخمر يشربه حتى مات فرأيت في المنام كأن اتيا يقول لي يا أم المؤمنين ففزعت وأولتها بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني فكان كذلك أي وذكر ابن إسحاق ان أبا موسى الأشعري هاجر إلى الحبشة ومراده أنه هاجر إليها من اليمن لامن مكة كما فهم الواقدي فاعترض عليه في ذلك فعن أبي موسى أنه بلغه مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو باليمن فخرج هو ونحو خمسين رجلا في سفينة مهاجرين اليه صلى الله عليه وسلم فألقتهم السفينة إلى النجاشي بالحبشة فوجدوا جعفرا وأصحابه فأمرهم جعفر بالإقامة واستمروا كذلك حتى قدموا عليه صلى الله عليه وسلم هم وجعفر عند فتح خيبر كما سيأتي وبهذا يندفع قول بعضهم ما ذكره ابن إسحاق من أن أبا موسى الأشعري هاجر من مكة إلى الحبشة من الغريب جدا ولعله مدرج من بعض الرواة فأقاموا بخير دار عند خير جار فبعثت قريش خلفهم عمرو بن العاص ومعه عمارة بن الوليد بن المغيرة التي أرادت قريش دفعه لأبي طالب ليكون بدلا عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قتلوه بهدية
(٢٧)