الطعام يقتاته فيقوم أبو لهب فيقول يا معشر التجار غالوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا شيئا معكم فقد علمتم مالي ووفاء ذمتي فيزيدون عليهم في السلعة قيمتها أضعافا حتى يرجع إلى أطفاله وهم يتضاغون من الجوع وليس في يده شئ يعللهم به فيغدو التجار على أبى لهب فيربحهم هذا كلامه ولا منافاة بين خروج أحدهم السوق إذا جاءت العير بالميرة إلى مكة وكونهم منعوا من الأسواق والمبايعة لهم كما لا يخفى وكان دخولهم الشعب هلال المحرم سنة سبع من النبوة وحينئذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بمكة من المسلمين أن يخرجوا إلى الحبشة أقول وفى رواية أن خروج بني هاشم وبني المطلب إلى الشعب لم يكن اخراج قريش لهم وانما خرجوا اليه لان قريشا لما قدم عليهم عمرو بن العاص من عند النجاشي خائبا وردت معه هديتهم وفقد صاحبه الذي هو عمارة بن الوليد وبلغهم اكرام النجاشي لجعفر ومن معه من المسلمين أي كما سيأتي وظهور الاسلام في القبائل كبر ذلك عليهم واشتد أذاهم على المسلمين واجتمع رأيهم على أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم علانية فلما رأى أبو طالب ذلك جمع بني هاشم والمطلب مؤمنهم وكافرهم وأمرهم أن يدخلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب ويمنعوه ففعلوا فبنو هاشم وبنو المطلب كانوا شيئا واحدا لم يفترقوا حتى دخلوا معهم في الشعب وانخزل عنهم بنو عميهم عبد شمس ونوفل ولهذا يقول أبو طالب في قصيدته * جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا * عقوبة شر عاجلا غير اجل * وقال في قصيدة أخرئ * جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا * وتيما ومخزوما عقوقا ومأثما * فلما علمت قريش ذلك أجمع رأيهم على أن يكتبوا عهودا ومواثيق على أن لا يجالسوهم الحديث وفيه أنه سيأتي أن خروج عمرو بن العاص إلى الحبشة انما كان بعد الهجرة الثانية وهى بعد دخول بني هاشم والمطلب إلى الشعب والله أعلم
(٢٦)