قالا له أيها الملك انه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت أي جاءهم به رجل كذاب خرج فينا يزعم أنه رسول الله ولم يتبعه منا الا السفهاء وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من ابائهم وأعمامهم وعشائرهم ليردوهم إليهم فهم أعلم بما عابوا عليهم فقال بطارقته صدقوا أيها الملك قومهم أعلم بهم فأسلمهم لهما ليرداهم إلى بلادهم وقومهم فغضب النجاشي وقال لا ها الله أي لا والله لا أسلمهم ولا يكاد قوم يجاورونى ونزلوا بلادي واختارونى على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان من أمرهم فإن كان كما يقولان سلمتهم اليهما والا منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاورونى ثم أرسل لنا ودعانا فلما دخلنا سلمنا فقال من حضره مالكم لا تسجدون للملك قلنا لانسجد الا لله عز وجل فقال النجاشي ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من الملل فقلنا أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتى الفواحش ونقطع الارحام ونسىء الجوار ويأكل القوى الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله لنا رسولا كما بعث الرسل إلى من قبلنا وذلك الرسول منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده ونخلع أي نترك ما كان يعبد اباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا أن نعبد الله تعالى وحده وأمرنا بالصلاة أي ركعتين بالغداة وركعتين بالعشى والزكاة أي مطلق الصدقة والصيام أي ثلاثة أيام من كل شهر أي وهى البيض أو أي ثلاثة على الخلاف في ذلك وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الارحام وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء أي ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة فصدقناه وامنا به واتبعناه على ما جاء به فعدا علينا قومنا ليردونا إلى عبادة الأصنام واستحلال الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورجوناك أن لانظلم عندك يا أيها الملك فقال النجاشي لجعفر هل عندك مما جاء به شئ قلت نعم قال فقرأه على فقرأت عليه صدرا من كهيعص فبكى والله النجاشي حتى أخضل أي بل لحيته وبكت أساقفته وفى لفظ هل عندك مما جاء به عن الله تعالى شئ فقال جعفر نعم قال فاقرأه على قال البغوي فقرأ عليه سورة
(٣١)