السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٩
روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء أي البكر البتول أي المنقطعة عن الأزواج التي لم يمسها بشر ولم يفرضها أي يشقها ويخرج منها ولد أي غير عيسى صلى الله على نبينا وعليه وسلم فقال النجاشي يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان ما يزيدون على ما تقولون أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل أي ومعنى كونه روح الله أنه حاصل عن نفخه روح القدس الذي هو جبريل ومعنى كونه كلمة الله تعالى أنه قال له كن فكان أي حصل في حال القول وفى لفظ أن النجاشي قال لمن عنده من القسيسين والرهبان أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى هل تجدون بين عيسى وبين يوم القيامة نبيا مرسلا أي صفته ما ذكر هؤلاء فقالوا اللهم نعم قد بشرنا به عيسى فقال من امن به فقد امن بي ومن كفر به فقد كفر بي فعند ذلك قال النجاشي والله لولا ما أنا فيه من الملك لاتيته فأكون أنا الذي أحمل نعله وأوضئه أي أغسل يديه وقال للمسلمين انزلوا حيث شئتم سيوم بأرضى أي آمنون بها وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق وقال من نظر إلى هؤلاء الرهط نظرة تؤذيهم فقد عصاني وفى لفظ ثم قال اذهبوا فأنتم آمنون من سبكم غرم قالها ثلاثا أي أربع دراهم وضعفها كما جاء في بعض الروايات وأمر بهدية عمرو ورفيقه فردت عليهما وفى لفظ أن النجاشي قال ما أحب أن يكون لي ديرا من ذهب أي جبلا وأن أوذى رجلا منكم ردوا عليهم هداياهم فلا حاجة لي بها فوالله ما أخذ الله تعالى منى الرشوة حين رد على ملكي فاخذ الرشوة وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه وكان النجاشي أعلم النصارى بما أنزل على عيسى وكان قيصر يرسل اليه علماء النصارى لتأخذ عنه العلم أي وقد بينت عائشة رضى الله تعالى عنها السبب في قول النجاشي ما أخذ الله منى الرشوة حين رد على ملكي وهو أن والد النجاشي كان ملكا للحبشة فقتلوه وولوا أخاه الذي هو عم النجاشي فنشأ النجاشي في حجر عمه لبيبا حازما وكان لعمه اثنا عشر ولدا لا يصلح واحد منهم للملك فلما رأت الحبشة نجابة النجاشي خافوا أن يتولى عليهم فيقتلهم بقتلهم لأبيه فمشوا لعمه في قتله فأبى وأخرجه وباعه ثم لما كان عشاء تلك الليلة مرت على عمه صاعقة فمات فلما رأت الحبشة أن لا يصلح امرها الا النجاشي ذهبوا
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»