هو على وزن أفعل من الأدمة. قال السهيلي: وهذا القول ليسى بشئ لأنه لا يمتنع أن يكون من الأديم ويكون على وزن أفعل تدخل الهمزة الزائد ة على الهمزة الأصلية كما تدخل على همزة الأدمة.
وأما الخليفة فلقوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة) والخليف والخليفة:
من يخلف من تقدمه، وكان آدم خلف قوما من الخلق يسمون الجان، ولأنه ناب مناب ملائكة السماء.
وأما البشر فلقوله تعالى: (إني خالق بشرا من طين) وقيل: وسمي بشرا لمباشرته أعظم الأمور. وقيل لما كان في وجهه من البشر والبشاشة.
وأما الإنسان فلقوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) وسمي بذلك لأنسه بجنسه فإن الإنسان من اجتمع فيه اثنتان: أنسه بالغير وأنس الغير به. وقيل: اشتقاقه من النوس وهو الحركة لكثرة حركته فيما يتحراه. وقيل: من الإيناس وهو الإبصار لأنه يدرك ببصره الظاهر وببصره الباطن.
واختلفت الآيات فيما بدئ من خلق آدم، ففي موضع: (خلقه من تراب) وفي موضع (من طين لازب) وفي موضع (من حمأ مسنون) وفي موضع (من صلصال كالفخار) قال العلماء: وهذه الآيات راجعة إلى أصل واحد وهو التراب الذي هو أصل الطين، فأعلمنا الله تعالى أنه لما خلقه من تراب جعله طينا، ثم انتقل فصار حمأ مسنونا، ثم انتقل.
فصار صلصالا كالفخار. قال الثعلبي في قوله تعالى حكاية عن إبليس أنه قال: (خلقتني من نار وخلقته من طين) قال العلماء أخطأ عدو الله تعالى في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل من النار، لوجود أحدها: أن من جوهر الطين الرزانة والسكون والوقار والحلم والأناة والحياء والصبر، وذلك سبب توبة آدم وتواضعه فأورثه المغفرة والاجتباء والهداية. ومن جوهر النار الخفة والطيش والحدة والارتفاع والاضطراب، وذلك سبب استكبار إبليس فأورثه اللعنة والهلاك.
والثاني: أن الجنة موصوفة بأن ترابها المسك ولم ينقل أن فيها نارا.
الثالث: أنها سبب العذاب بخلاف الطين.
الرابع: أن الطين سبب جمع الأشياء والنار سبب تفرقها وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله خلق آدم يوم الجمعة " (1).