ويروي أن قصيا قال للأكابر من ولده: من عظم لئيما شركه في لؤمه، ومن استحسن مستقبحا شركه فيه، ومن لم يصلحه كرامتكم فداووه بهوانه، فذاك دواء يحسم الداء والعي عيان: عي إفحام، وعي المنطق بغير سداد، والحسود: العدو الخفي، ومن سأل فوق قدره استحق الحرمان.
وقصي أحدث وقود النار بالمزدلفة ليراها من دفع من عرفة. وقسم قصي مكارمه بين ولده، فأعطى عبد مناف السقاية والندوة، فكانت فيه النبوة والثروة. وأعطى عبد الدار الحجابة واللواء. وأعطى عبد العزى الرفادة والضيافة أيام منى، فكانوا لا يجيزون إلا بأمره.
وأعطى عبد قصي جلهمتي الوادي. فسادت بنو قصي الثلاثة.
ومات قصي بمكة فأقام بنوه أمر مكة بعده في قومهم (1) ودفن بالحجون. فتدافن الناس بعده بالحجون.
ابن كلاب كلاب: بكسر الكاف وتخفيف اللام منقول. وفي وجه نقله عن الجمع وجهان:
أحدهما: ما ذكره السهيلي: إما من المصدر الذي في معنى المكالبة نحو كالبت العدو مكالبة وكلابا، وإما من الكلاب جمع كلب لأنهم يريدون الكثرة كما سموا بسباع وأنمار.
والثاني: ما نقله في " المورد " و " الفتح " عن بعضهم أنه كان محبا للصيد مولعا به بالكلاب وجمع منها شيئا كثيرا، فكان إذا مر بكلاب على قوم قيل: هذه كلاب ابن مرة.
فبقي لقبا له.
فائدة: قيل لأبي الدقيش الأعرابي: لم تسمون أبناءكم بأشر الأسماء نحو كلاب وذئب وعبيدكم بأحسن الأسماء نحو مرزوق ورباح. فقال: إنا لنسمي أبناءنا لأعدائنا وعبيدنا لأنفسنا يريد أن الأبناء عدة للأعداء وسهام في نحورهم فاختاروا لهم هذه الأسماء.
قال ابن دحية رحمه الله تعالى: فكان الرجل إذا تشاجر مع كفوه قال: اخرج يا كلب أو يا سباع أو يا نمر أو يا علقمة إلى غير ذلك. وقيل لدفع السوء عن أبنائهم.
واسمه حكيم. ويقال: الحكيم. وقيل: المهذب. وقيل عروة. نقله الجواني في المقدمة.