الله الهضام ان يملك هذا الحصن فإنه حصن منيع وما فتحا حصنا الا والذي بعده أشد منه فقال جويرثة يا أمير المؤمنين ان فتح هذا الحصن بعيد والوصول إليه صعب شديد لان حجارته أشد من الحديد والماء عندهم عزيز وطعامهم كثير وصاحبه المتولي عليه فارس عنيد ولذلك سموه السفاك فهو المعرف بالسفك بين قبائل العرب لفكه دماء الرجال ونزل الامام بجانب الحصن بحيث لا تصل إليهم سهامهم ولم يزل الامام قائما إلى وقت الزوال فبينما هو كذلك إذ أشرف عليه رجل على مطية قد ارسل زمامها وطول حطامها وهي تخرق الأرض خرقا وتقطع البيداء قطعا إلى أن وصل إلى عسكر المسلمين فنادى برفيع صوته معاشر الناس اني رسول إليكم فلما سمع الامام ذلك قال لك الأمان فأناخ الرجل مطيته وقال له أنت ظننت ان صاحب الجيش أوصلك من قريش فقال الامام نعم فتقدم الشيخ وناوله الكتاب (قال الراوي) فاخذ الامام الكتاب وقرأه فإذا فيه مكتوب اسمك اللهم من صاحب الدار والقرار ملك الملوك المذل لهيبته كل سيد وصعلوك الهضام بن عون بن غانم الباهلي الملقب بمرارة الموت إلى الحدث العصفور والطفل المغرور علي ابن أبي طالب اما بعد فان الذي فعلته ووصلت إليه وأدركته فبقاء المنيع عليك واحسانه إليك فلا تغتر بفعلك والا زحفت عليك بأسود زائرة وابطال للحرب متبادرة فيتركونك كشئ كان ولا بان وان أنت اطلعت واتيت مع حامل هذا أبقينا عليك وأحسنا إليك فانظر لنفسك وتدبر لأمرك وقد اعذر من انذر فلما قرا الامام رضي عنه ذلك الكتاب صرخ في وجه موهوب صرخة المعروفة وقال قل له ليس عندي الا السيف فولى راجعا من حيث جاء وهو لا يصدق لنفسه بالخلاص من بين يدي الامام فصار يجد المسير إلى أن وصل إلى الهضام فلما نظره الهضام قال يا موهوب اخبرني ما قلت وما قيل لك فقال أيها الملك هو جاوز المقدار ويرمي من يخاطبه بالنار وما كنت مصدقا اني راجع من زجراته ونهراته واني قد جادلته مجادلة المطارد وأرجوا بذلك رجوعه عما هو عازم عليه قاصد فما رأيت يزداد الا غيظا وانه لم يكن اهلا لرد الجواب ولا أبقى موضعا للخطاب فانظر ما أنت صانع
(٩٦)