سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٨٥
ولكن امهلوه إلى أن يجوزنا واخرجوا عليهم ويأتي قومك من جهة الحصن فيكونوا في وسطكم وندور عليهم بالسيف حتى نفرقهم جميعا (قال الراوي) فبينما القوم كذلك إذ أشرف ناقد بمن معه من جهة الحصن المشرف وقد ثار التراب الغبار من حوافر الخيل ففرح المشركون بذلك وظنوا انهم نجدة لهم من الحصن ليساعدهم عليهم وقد انحدرت الرغداء بمن معها فحملت وحمل قومه معها ونادوا بأعلى أصواتهم واتى الامام وجنبل واحتشدوا القوم بجمعهم فعند ذلك علم المشركون انهم مكروا بهم وان أصحاب الإمام قد دهموهم في أماكنهم فحمل عليهم أصحاب الإمام حملة عظيمة وكشف الامام رأسه في معمعة الحرب ونادى برفيع صوته يا معشر الناس ان الله سبحانه وتعالى مطلع عليكم وناظر إليكم والملائكة تتخلل صفوفكم فكان أعدائكم اكلا وازجرهم زجرا وتقاتل الناس في ذلك اليوم قتالا شديدا فلم تكن الا هنبهة وقد أخمدوا شكر الله المشركين وقذف في قلوبهم الرعب من أمير المؤمنين وتزايد عليهم الامر فولوا منهزمين مهزومين فلما رأى جيورثه ذلك علم أنه لا طاقة له بالامر وأصحابه وكان الامام لم يصادقه في الحرب في ذلك اليوم ولا وقع به فخرج جيورثه من معمعة الحرب وولى هاربا وتبعه أصحابه فاتبعهم المسلمون ووضعوا فيهم السيف من موضع المعركة إلى الحصن فلما نظر أهل الحصن إلى هزيمتهم امر هجان بفتح باب الحصن حتى دخلوا فيه وأوصاهم بحفظ بابه وان يكونوا عنده للمحاماه من الابطال (قال الراوي) ثم نزل هيجان شاهرا سيفه وهو كأنه البعير لعظم خلقته فبرك جاثما على الباب والمنهزمون داخلون إلى الحصن وهو لا يصدق بنجاة نفسه ثم إن جماعة من أصحاب الإمام تقدموا بابن الملك وجندب بن ركيع والرغداء بنت الخطاف وقد اغلقوا الباب دونهم فقتلوهم عن آخرهم وما سلم من المشركين في ذلك اليوم الا من دخل الحصن ومنع عن
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»