سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٩٥
فلما برق ضياء الفجر اذن الامام وصلى بالناس صلاة الصبح ثم اقبل عليهم وقال معاشر الناس ان هذا عدو الله الهضام قد خرج إليكم بجنوده وعساكره وقد قرب منا ولم يبق بيننا وبينه غير مسيرة الراكب المجد يوم ومعه مائة الف فارس غير ما اجتمع إليهم بعد مسيرهم فما الذي ترونه من الرأي هل نسير إليهم أم نمتهل حتى يسروا إلينا مع أن سيرنا إليهم وهجومنا عليهم أهيب فاني لا لا افعل شيئا الا بمشورتكم ولا أخالفكم ولا أحملكم ما لا تطيقون فقالوا بأجمعهم يا ابن عم رسول الله افعل ما تريد ودبر امرك كيف شئت فانا لكلامك سامعون ومبادرون غير مخالفين (قال الراوي) فارتحل بالقوم وسار وجد في المسير إلى أن وصل إلى الحصن الأسود فنظر إليه الامام فإذا هو كأنه قطعة من الليل الدامس فتأمله الامام فإذا المشركين قد تحصنوا فيه وشهروا سلاحهم ورفعوا رايتهم فلما أشرف عليهم عسكر الامام لم يكترثوا به لثقتهم بكثرتهم وان الملك الهضام سائر إليهم فعند ذلك نزل الامام بجيشه ثم سار الامام وحده وسار إلى الحصن فلما قرب إليهم ناداهم معاشر الناس ان كان لكم شفقة على أنفسكم ورغبة في حياتكم فافتحوا لنا باب الحصن فان أبيتم فنحن نسفك دماءكم بعد أن نقتلكم عن آخركم أو تقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله فان قلتموها فأكف عنكم الشر ويأتيكم مني الخير (قال الراوي) فعند ذلك اجابه صاحب الحصن الأسود وهو مساور السماك الباهلي وقال يا ابن أبي طالب انا نعلم أن انصرام عمرك هو الذي أوصلك إلى ما وصلت إليه وبلغك إلى ما بلغت وقد وقعت في أوطاننا بهذه الشرذمة القليلة والعصابة اليسيرة فلما سمع الامام من عدو الله غضب غضبا شديدا وقال ستعلم يا ملعون فما على الرسول الا البلاغ ثم رجع عنه إلى مكانه وقد اصفر وجهه من الغيظ فسأله الناس عن امره قالوا يا أبا الحسن مالنا نراك متغير اللون فقال لهم مما سمعت من عدو الله مساور السفاك من فوق جدار الحصن واني لا أفارقه حتى يأذن الله سبحانه وتعالى وأظنه صاحبهم ألفا ثم يأمر الحصن فوالله لو وصلت إليه لهان على فعله وكلامه ثم ذكر لأصحابه ما قال عدو الله ثم قال معاشر الناس أشيروا علي بما اصنع فاني أخشى من قدوم عدو
(٩٥)
مفاتيح البحث: الصّلاة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»