المكان فعلم آذانه جميع عسكره فأجابوه من كل ناحية ومكان ثم إن الامام صلى صلاة الفجر في مكانه وجلس يذكر الله حتى طلوع الشمس وأقبلت أصحابه فلما نظر أهل الاسلام إلى جويرثة والامام وهما كالأسود الكسرة الهائلة ففرحوا بسلامة الامام فنزلوا حتى بادوا إليه فقال لهم الامام انزلوا حتى يتضاهى النهار بارك الله فيكم فنزلوا يتحادثون معه كيف صنع في ليلته وهو يتحدثهم بما وقع له في ليلته فبينما هو جالس وإذا بالشمس أشرقت وامتلأ بنورها الأرض فنظر الامام إلى الحصن وإذا عليه عنة منصوبة وأحبال مفتولة وكفات مظبوطة وجنادل موضوعه فبينما هم ينظرون إلى ذلك إذ اخذتهم الأحجار من كل جانب وكان إبليس لعنه الله صنع للقوم المنجنيق وأخبرهم انه رسول المنيع قال فلما رأى الامام ماحل بأصحابه قال يا ناقد اما تعلم هذا الحصن من مدخل قال يا أمير المؤمنين لا اعلم له مدخلا الا من عين الظباء وهي ان تضع حجرا فيه ليحجز الماء عنا وندخل آمنين فامر الامام أصحابه بفعل ما امره ناقد ثم دخلوا واحد واحد قال فلما تكاملوا داخل الحصن هجموا على المنجنيق فحطموه فاتتهم جنود عدو الله إبليس وهجموا على القوم فنادى الامام لا تحاربوا مع الجن دعوني لهم ثم إن الامام هجم على الجن فسمعه الناس عند هجومه يقول بلوامع الأبراق من نور الجبار أطفئ نار المردة الأشرار وأزحهم بأسماء الله الكرام الشريفة المنيعة وسر اقسام الله العالية يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ثم غاب في السرب فلم يسمع له أحد كلام فلم تكن الا ساعة وقد سمعوا من السرب صياحا وضجة ولم يزل متماديا وقد خمدت الأصوات واقشع الدخان وزاد الشرار ولم يسمع الناس للامام كلاما بعد ذلك ولم يعرفوا له خبرا وقد انظر الناس رجوع الامام فلم يرجع فقلق الناس لذلك قلقا شديدا وماج العسكر والناس يسيرون من فم السرب إلى المكان الذي فيه العسكر ولا يطيب لاحد منهم كلام ولا يقر لهم قرار وكل منهم قلق على الامام ولم يزالوا كذلك الا ان مضى من الليل الثلث فبينما القوم في أشد القلق (قال الراوي) وإذا هم يسمعون صوت الامام
(٩٢)